لأنهم صاموا مع المشقة، ولأنهم خالفوا رسول الله ﷺ حيث أفطر وبقوا هم صياماً.
وإن كانت المشقة شديدة يخشى منها الضرر فالصوم حرام لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ﴾.
وأما قول الرسول ﷺ:«ليس من البر الصوم في السفر»(١) الذي استدل به الحنابلة، فهذا خاص بالرجل الذي رآه النبي ﷺ قد ظلل عليه والناس حوله، فقال ﷺ: ما هذا؟ فقالوا: هذا صائم، فقال:«ليس من البر الصوم في السفر».
فإن قيل: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؟
فنقول: الخصوصية نوعان:
خصوصية شخصية، وخصوصية نوعية.
فالخصوصية الشخصية: أن يقال: إن هذا الحكم خاص بهذا الرجل لا يتعداه إلى غيره وهذا يحتاج إلى دليل خاص، وهذا هو الذي تقول فيه: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فآية اللعان وردت في قصة رجل معين، وآية الظهار كذلك، فالعبرة بالعموم فكل أحد يثبت له هذا الحكم.
والخصوصية النوعية: وإن شئت فقل الخصوصية الحالية، أي: التي لا يثبت بها العموم إلا لمن كان مثل هذا الشخص، أي مثل حاله، فيقال: ليس من البر الصوم في السفر لمن شق عليه، كهذا الرجل، ولا يعم كل إنسان صام.