وهي قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦] فقال الله تعالى: «قد فعلت».
فصار في النسيان دليلان عام وخاص، وإذا اجتمع في المسألة دليلان عام وخاص فالأولى أن نستدل بالخاص؛ لأننا إذا استدللنا بالعام، فإنه قد يقول قائل هذا عام والمسألة هذه مستثناة من العموم، فقد يدعي هذا، مع أنه لو ادعاه لكانت الدعوى مردودة؛ لأن الأصل أن العموم شامل لجميع أفراده؛ والدليل على أن العام شامل لجميع أفراده؛ قوله ﷺ:«إنكم إذا قلتم السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض»(١) لأن «عباد الله الصالحين» عامة؛ ولذلك قال:«فقد سلمتم على كل عبد صالح في السماء والأرض» فلو استدللنا على أن الناسي إذا أكل أو شرب لا يفسد صومه بآية البقرة، فإنه استدلال صحيح، ولو ادعى مدعٍ أن هذا خارج عن العموم قلنا له أين الدليل؟ لأن الأصل أن العام شامل لجميع أفراد العموم.
لكن لو أكل ناسياً أو شرب ناسياً، ثم ذكر أنه صائم واللقمة في فمه، فهل يلزمه أن يلفظها؟
الجواب: نعم يلزمه أن يلفظها؛ لأنها في الفم وهو في حكم الظاهر، ويدل على أنه في حكم الظاهر، أن الصائم لو تمضمض لم يفسد صومه، أما لو ابتلعها حتى وصلت ما بين حنجرته ومعدته لم يلزمه إخراجها، ولو حاول وأخرجها، لفسد صومه لأنه تعمد القيء.
(١) أخرجه البخاري في الأذان/ باب التشهد في الآخرة (٨٣١) ومسلم في الصلاة/ باب التشهد في الصلاة (٤٠٢) عن عبد الله بن مسعود ﵁.