يشرع في الفريضة منفرداً، ثم يحس بجماعة دخلوا ليصلوا جماعة فيقطعها من أجل أن يدخل في الجماعة؟
الجواب: نعم، له ذلك؛ لأن هذا الرجل لم يعمد إلى معصية الله ورسوله ﷺ بقطع الفريضة، ولكنه قطعها ليأتي بها على وجه أكمل فهو لمصلحة الصلاة في الواقع، فلهذا قال العلماء في مثل هذه الحال له أن يقطعها لما هو أفضل.
وربما يستدل لذلك بقصة الرجل الذي أتى النبي ﷺ في مكة وقال: يا رسول الله «إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي ركعتين في بيت المقدس، قال: صلِّ هاهنا، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثاً، فقال: شأنك»(١)، فأذن له بالصلاة في مكة؛ لأنها أفضل، وإن كان ذهابه لبيت المقدس فيه نوع من المشقة والتعب، ولكن تَقَصُّد التعبِ في العبادة ليس بمشروع لقوله تعالى: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾ [النساء: ١٤٧]، لكن إذا كانت العبادة لا تأتي إلا بالتعب كانت أفضل، وهذه مسألة ينبغي للإنسان أن ينتبه لها، وهي هل تقصد التعب في العبادة أفضل أم الراحة؟
الجواب الراحة أفضل، لكن لو كانت العبادة لا تأتي إلا بالتعب والمشقة كان القيام بها مع التعب والمشقة أعظم أجراً؛ ولهذا قال النبي ﷺ فيما يرفع الله به الدرجات ويكفر به الخطايا:
(١) أخرجه الإمام أحمد (٣/ ٢٦٣)؛ وأبو داود في الأيمان والنذور/ باب من نذر أن يصلي في بيت المقدس (٣٣٠٥)؛ والحاكم (٤/ ٣٠٤) عن جابر ﵁، وصححه الحاكم وابن دقيق العيد، انظر: «التلخيص» (٢٠٦٧).