للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمسجد دون مسجد، وعلى هذا فيكون مسنوناً كل وقت وفي كل مسجد، فكل مساجد الدنيا مكان للاعتكاف، وليس خاصاً بالمساجد الثلاثة كما روي ذلك عن حذيفة بن اليمان ﵁ أن النبي ﷺ قال: «لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة» (١) فإن هذا الحديث ضعيف.

ويدل على ضعفه أن ابن مسعود ﵁ وهنه، حين ذكر له حذيفة ﵁ أن قوماً يعتكفون في مسجد بين بيت حذيفة، وبيت ابن مسعود ﵁، فجاء إلى ابن مسعود زائراً له، وقال: إن قوماً كانوا معتكفين في المسجد الفلاني، وقد قال النبي ﷺ: «لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة»، فقال له ابن مسعود ﵁: «لعلهم أصابوا فأخطأت وذكروا فنسيت» (٢) فأوهن ابن مسعود هذا الحديث حكماً ورواية.

أما حكماً ففي قوله: «أصابوا فأخطأت» وأما رواية ففي قوله: «ذكروا فنسيت» والإنسان معرض للنسيان.

وإن صح هذا الحديث فالمراد به لا اعتكاف تام، أي أن الاعتكاف في هذه المساجد أتم وأفضل، من الاعتكاف في المساجد الأخرى، كما أن الصلاة فيها أفضل من الصلاة في المساجد الأخرى.

ويدل على أنه عام في كل مسجد قوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧].


(١) أخرجه الطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٢٧٧١) ط الرسالة؛ والبيهقي (٤/ ٣١٦).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٨٠١٤)، وابن أبي شيبة (٣/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>