للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقوله تعالى: ﴿فِي الْمَسَاجِدِ﴾ (الـ) هنا للعموم، فلو كان الاعتكاف لا يصح إلا في المساجد الثلاثة لزم أن تكون (الـ) هنا للعهد الذهني، ولكن أين الدليل؟ وإذا لم يقم دليل على أن (الـ) للعهد الذهني فهي للعموم، هذا الأصل.

ثم كيف يكون هذا الحكم في كتاب الله للأمة من مشارق الأرض ومغاربها، ثم نقول: لا يصح إلا في المساجد الثلاثة؟! فهذا بعيد أن يكون حكم مذكور على سبيل العموم للأمة الإسلامية، ثم نقول: إن هذه العبادة لا تصح إلا في المساجد الثلاثة، كالطواف لا يصح إلا في المسجد الحرام.

فالصواب أنه عام في كل مسجد، لكن لا شك أن الاعتكاف في المساجد الثلاثة أفضل، كما أن الصلاة في المساجد الثلاثة أفضل.

وقوله: «مسنون» قد دل على هذا الكتاب، والسنة، والإجماع.

أما الكتاب: فقول الله تعالى لإبراهيم : ﴿أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: ١٢٥] ومن هذه الآية نعرف أن الاعتكاف مشروع حتى في الأمم السابقة، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧].

وأما السنة: فواضحة مشهورة مستفيضة أن الرسول : «اعتكف، واعتكف أصحابه معه» (١) و «اعتكف أزواجه من بعده» (٢).


(١) سبق تخريجه ص (٤٩١).
(٢) أخرجه البخاري في الاعتكاف/باب الاعتكاف في العشر الأواخر (٢٠٢٦)؛ ومسلم في الصيام/ باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان (١١٧٢) (٥) عن عائشة .

<<  <  ج: ص:  >  >>