للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلزمه أن يحج عن نفسه إذا برئ، ونظير ذلك ما قلنا في الصوم: المريض مرضاً لا يرجى برؤُه يطعم عن كل يوم مسكيناً، والمريض مرضاً يرجى برؤه يفطر ويقضي.

وقوله: «لزمه أن يقيم من يحج ويعتمر عنه» «من»: هذه اسم موصول تشمل كل من يصح حجه، ولكن لا بد أن يكون على الصفة التي يجزئه فيها حج الفرض، فلو أقام عنه صبياً لم يجزئه؛ لأن الصبي لا يصح حجه الفرض عن نفسه، فعن غيره أولى، ولو أقام رقيقاً ـ على القول بأن الحج لا يجزئه ـ لم يجزئه أيضاً.

إذاً فيكون قوله: «من يحج» عامًّا أريد به الخاص، والمعنى يقيم من يحج عنه ممن يجزئه الحج لو حج عن نفسه.

ويشترط لهذا النائب الذي ناب عن غيره ألا يكون عليه فرض، أي: فرض الحج، فإن كان عليه فرض الحج فإنه لا يجزئ أن يكون نائباً عن غيره، فلو أقام فقيراً يحج عنه لأجزأ، لأنه ليس عليه فرض الحج فهو كالغني الذي أدى الحج عن نفسه، وإن أقام عنه غنياً لم يؤد الفرض عن نفسه فإنه لا يجزئه.

والدليل على ذلك: حديث ابن عباس أن النبي : «سمع رجلاً يلبي يقول لبيك عن شبرمة، فقال له النبي : أحججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة» (١).


(١) أخرجه أبو داود في المناسك/ باب الرجل يحج عن غيره (١٨١١)؛ وابن ماجه في المناسك/ باب الرجل يحج عن غيره (٢٩٠٣)؛ وابن خزيمة (٣٠٣٩)؛ وابن حبان (٩٦٢) إحسان؛ والدارقطني (٢/ ٢٦٧)؛ والبيهقي (٤/ ٣٣٦).
ينظر كلام أهل العلم على هذا الحديث في «نصب الراية» (٣/ ١٥٥)، «التلخيص» (٩٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>