وفي بعض ألفاظ الحديث:«هذه عنك وحج عن شبرمة»، وفي بعض ألفاظ الحديث:«اجعل هذه لنفسك، ثم حج عن شبرمة». وهذا الحديث اختلف العلماء في رفعه ووقفه، واختلفوا في تصحيحه وتضعيفه، فمنهم من قال: إنه ضعيف، لأنه مضطرب لاختلاف ألفاظه، ففي بعضها:«حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة»، وفي بعضها:«اجعل هذه لنفسك ثم حج عن شبرمة»، وفي بعضها:«هذه لنفسك وحج عن شبرمة»، قالوا: وهذا اضطراب يتغير به الحكم.
وقال بعضهم: إن رفعه خطأ وأنه لا يصح إلا موقوفاً على ابن عباس ﵄، وقالوا: إنه لا وجه للمنع أي منع من لم يحج عن نفسه من أن يحج عن غيره؛ بدليل أن الإنسان لو أدى الزكاة بالوكالة عن غيره قبل أن يؤدي زكاة نفسه، لكان ذلك جائزاً، فما المانع؟!
ولكن نقول: لا شك أن الأولى والأليق ألا يكون نائباً عن غيره فيما هو فرض عليه حتى يؤدي فرضه أولاً، سواء صح هذا الحديث مرفوعاً أو صح موقوفاً، أو لم يصح، فإن النظر يقتضي أن يقدم الإنسان نفسه على غيره لعموم «ابدأ بنفسك»(١)، ونفسك أحق من غيرك.
(١) أخرجه مسلم في الزكاة/ باب الابتداء في النفقة بالنفس (٩٩٧) عن جابر ﵁.