معروفة ـ والحمد لله ـ إلى الآن، وتختلف قرباً وبعداً من الكعبة، فبعضها قريب من الكعبة، وبعضها بعيدٌ من الكعبة، وأقربها من الكعبة التنعيم، وأبعدها من جهة جدة ومن جهة عرفة أيضاً، بعضها تسعة أميال، ومنها أحد عشر ميلاً، وهذه الحدود توقيفية ـ ليس للرأي فيها مجال، فلا يقال: لماذا بعدت حدود الحرم من هذه الجهة دون هذه الجهة؟
وقوله:«وعمرته من الحل»، يشمل الحل القريب والبعيد، فلو قال قائل: أنا لا أريد أن أحرم من التنعيم، وأريد أن أحرم من طريق جدة وهو بعيد ـ حوالي عشرة أميال ـ فله أن يفعل.
وهل الأفضل أن يختار الأبعد، أو أن يختار الأقرب، أو أن يختار الأسهل؟
قال بعض العلماء: بل الأفضل أن يختار الأبعد؛ لأنه أكثر أجراً، ولكن في النفس من هذا شيء.
وقال بعض العلماء: الأفضل أن يحرم بالعمرة من ميقات بلده، فإذا كان من أهل نجد، وأراد أن يحرم قلنا: الأفضل أن تحرم من قرن المنازل.
والأقرب أن الأفضل هو الأسهل؛ وعليه فإذا كنت في مزدلفة فأحرم من عرفة؛ لأنها أقرب الحل إليك، وإذا كنت في جهة الشرائع وأنت داخل الحرم فالجعرانة؛ لأن النبي ﷺ أحرم منها حين جاء من الطائف من غزوة حنين (١).
(١) أخرجه البخاري في العمرة/ باب كم اعتمر النبي ﷺ (١٧٧٨) عن أنس ﵁.