قلنا: هذا الظاهر يعارضه حديث عائشة ﵂: أن الرسول ﷺ: «أمر أخاها أن يخرج بها لتحرم من التنعيم»(١).
فإن قال قائل: عائشة ليست من أهل مكة، فأمرت أن تخرج إلى الحل لتحرم منه؟
قلنا: ليس المانع من إحرام الآفاقي بالعمرة من مكة هو أنه ليس من أهل مكة؛ بدليل أن الآفاقي يحرم بالحج من مكة، فلو كانت مكة ميقاتاً للإحرام بالعمرة، لكانت ميقاتاً لأهل مكة وللآفاقيين الذين هم ليسوا من أهلها، وهذا واضح.
وأيضاً العمرة هي الزيارة، والزائر لا بد أن يفد إلى المزور؛ لأن من كان معك في البيت إذا وافقك في البيت لا يقال: إنه زارك، وهذا ترجيح لغوي.
ونقول أيضاً: كل نسك فلا بد وأن يجمع فيه بين الحل والحرم، بدليل أن الرسول ﷺ:«أمر عائشة أن تحرم من الحل»، لتجمع في نسكها بين الحل والحرم.
فإن قال قائل: هذا ينتقض عليكم بالإحرام بالحج من مكة؟
قلنا: لا ينتقض؛ لأن الذي يحرم بالحج لا يمكن أن يطوف بالبيت حتى يأتي إلى البيت من الحل أي عرفة؛ لأنه سيقف بعرفة، ولا يمكن أن يطوف للإفاضة إلا بعد الوقوف بعرفة، وبهذا تبين أن القول بأن أهل مكة يحرمون بالعمرة من مكة قول ضعيف، لا من حيث الدليل، ولا من حيث اللغة، ولا من حيث المعنى.