ثانياً: أنه لا يجوز أن يؤخر شيء من أعمال الحج عن الأشهر الثلاثة إلا لضرورة، وإلا فالواجب ألا يخرج ذو الحجة وعليه شيء من أعمال الحج، إلا طواف الوداع؛ لأن طواف الوداع منفصل عن الحج، فهو لمن أراد الخروج من مكة وإن طال لبثه فيها.
وعلى هذا فلا يجوز للإنسان أن يؤخر حلق رأسه إلى أن يدخل المحرم، ولا يجوز أن يؤخر طواف الإفاضة إلى أن يدخل المحرم، لكن إذا كان لعذر فلا بأس.
فعذر الحلق أو التقصير: أن يكون في رأسه جروح لا يتمكن معها من الحلق أو التقصير فله أن يؤخر حتى يبرأ، أما عذر الطواف فأن تصاب المرأة بنفاس كأن يأتيها وهي واقفة في عرفة، والنفاس عادة يبقى أربعين يوماً، فهذه سوف يخرج شهر ذي الحجة، ولم تطف طواف الإفاضة، فلا بأس؛ لأن تأخيرها للطواف لعذر، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، ويرتاح إليه القلب لموافقته لظاهر الآية، والأصل في الدلالات أن نأخذ بالظاهر، إلا بدليل شرعي يخرج الكلام عن ظاهره.
مسألة: هل يجوز للإنسان أن يحرم بالحج قبل الميقات المكاني، أو الزماني، أو بالعمرة قبل الميقات المكاني؟
الجواب: الصحيح أنه لا يجوز أن يحرم قبل الميقات الزماني، وأنه لو أحرم بالحج قبل دخول شهر شوال صار الإحرام عمرة لا حجاً؛ لأن الله قال: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: ١٩٧]، وهذا أحرم قبل دخول أشهر الحج، فيكون إحرامه عمرة،