للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما لو صلى الظهر قبل الزوال فينعقد نفلاً، أو نقول بأنه فاسد لا ينعقد.

وقال بعض العلماء: ينعقد الإحرام لكن يُكره، فينعقد الإحرام؛ لأنه لبى الله، لكن يكره لمخالفته لظاهر الآية: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾، وكذلك في المواقيت المكانية.

فالقول الثاني في المسألة أنه يُكره أن يُحرم قبل الميقات، لكن لو أحرم صح إحرامه وانعقد، فمثلاً لو أحرم إنسان من أهل المدينة من المدينة نفسها قلنا: هذا مكروه وينعقد، وهذا رأي الجمهور.

والمراد بالإحرام النية دون الاغتسال ولبس ثياب الإحرام، وأكثر العامة يحملون معنى الإحرام على لبس ثياب الإحرام وليس كذلك، والإحرام سيأتينا ـ إن شاء الله ـ في الباب الذي يلي هذا الباب أنه نية الدخول في النسك، وعلى هذا فمن كان في المدينة وتغسل ولبس ثياب الإحرام ولم يحرم، إلا بذي الحليفة فإنه لم يفعل مكروهاً؛ لأن الإحرام هو نية الدخول في النسك، ولم تحصل منه إلا في الميقات.

فإن قال قائل: ما تقولون في شخص لم يمر بشيء من المواقيت، أيحرم من بلده ولو كان بعيداً؟

نقول: إن أهل الكوفة، وأهل البصرة شكوا إلى عمر بن الخطاب فقالوا: «يا أمير المؤمنين إن النبي وقّت لأهل نجد قرن المنازل، وإنها جور عن طريقنا ـ أي: مائلة وبعيدة عن طريقنا ـ فقال : انظروا إلى حذوها من طريقكم» (١)، فنقول لهذا الذي لم يمر بالميقات: أحرم إذا حاذيت الميقات، وهذا إذا كان يسير على الأرض واضح، كما قال عمر ، لكن إذا كان يسير في الجو فإذا حاذاها جواً أحرم.


(١) وتمامه: «فحدَّ لهم ذات عرق».
أخرجه البخاري في الحج/ باب ذات عرق للعراق (١٥٣١) عن ابن عمر .

<<  <  ج: ص:  >  >>