ويحمل كلامه ﵁ على أن الوجوب لهم خاصة، وإلا فلا يمكن أن يقول أبو ذر: لنا خاصة، والرسول ﷺ سأله سراقة بن مالك بن جعشم ﵁ قال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟ قال:«بل لأبد الأبد»(١). فخصوصية الحكم للصحابة، إذا كان مقصده الوجوب فله وجه، أما إذا كان المراد فسخ الحج مطلقاً فالحديث يدل على أنه مشروع لجميع الناس.
أما الدليل النظري فيقال: إن الصحابة ﵃ خوطبوا من الرسول ﷺ مباشرة، ولو لم ينفذه الصحابة كان هذا عظيماً، فيقال: إذا كان الصحابة رفضوا أمر الرسول ﷺ مباشرة فمن بعدهم من باب أولى.
ثم إن الرسول ﷺ يريد أن يقرر هذا الحكم، والتقرير بالفعل أقوى من التقرير بالقول، فإذا تقرر بالفعل بقي الأمر على ما بقي عليه أولاً وهو أنه هو الأفضل، أو يختلف ـ كما قال شيخ الإسلام ـ باختلاف حال الإنسان.
وما قاله ﵀ وجيه جداً، وهو أن وجوب الفسخ إنما هو في ذلك العام الذي واجههم به الرسول ﷺ، وأما بعد ذلك فليس بواجب، وأظنه لو كان واجباً لم يخف على أبي بكر وعمر ﵄ وهما من هما بالنسبة لقربهما من الرسول ﷺ ولفهمهما قوله، ومعلوم أن من كان أقرب إلى
(١) أخرجه البخاري في الحج/ باب من أهلَّ في زمن النبي ﷺ كإهلال النبي ﷺ (١٥٥٧)؛ ومسلم في الحج/ باب بيان وجوه الإحرام (١٢١٦)، عن جابر بن عبد الله ﵄.