لأنه إذا رجع إلى بلده، ثم عاد محرماً بالحج فقد أفرد الحج بسفر مستقل فيكون مفرداً، وليس بمتمتع، فإن سافر إلى بلد آخر، فإنه متمتع؛ لأنه لم ينشئ سفراً جديداً، إذ إن سفره إلى البلد الآخر استمرار لسفره الأول، وليس قاطعاً للسفر.
مسألة: إذا أحرم الإنسان بالحج، ووصل إلى مكة فإنه يسن له أن يجعل الحج عمرة ليصير متمتعاً، فلو جعل الحج عمرة ليتخلص بالعمرة منه، فإن ذلك لا يصح؛ لأن ذلك احتيال على إسقاط وجوب الحج عليه.
فإن قال قائل: ما الفرق بين من فسخ الحج ليصير متمتعاً ومن فسخ الحج بالعمرة ليتخلص منه؟.
فالجواب: الفرق ظاهر: من فسخ الحج إلى عمرة ليتخلص بها منه، فهو متحيل على سقوط وجوب المضي في الحج، ومن فسخ الحج إلى عمرة ليصير متمتعاً، فإنه منتقل من الأدنى إلى الأعلى؛ لأن المتمتع أفضل من القارن والمفرد، وهذا هو الذي أمر به النبي ﷺ أصحابه أن يفسخوا الحج ويجعلوه عمرة، ليصيروا متمتعين، لا ليتخلصوا بالعمرة من الحج.
مثاله: رجل سافر إلى مكة في أشهر الحج وأحرم به، وكأنه تطاول المدة الباقية على الحج، ففسخ الحج إلى عمرة من أجل أن يطوف ويسعى ويقصر ويرجع إلى بلده.
فهذا لا يجوز؛ لأنه لما شرع في الحج وجب عليه إتمامه، فإذا حوله إلى عمرة ليتخلص منه، صار متحيلاً على إسقاط واجب عليه، وهذا لا يجوز.