مثال آخر: رجل ذهب ليحج وأحرم بالحج في أشهره، ثم قيل له: إن التمتع أفضل، فحول الحج ليصير متمتعاً، فهذا جائز، بل سنة؛ لأنه انتقل من مفضول إلى أفضل، ولم يتحيل على إسقاط واجب، ويدل لهذا أن رجلاً جاء إلى الرسول ﷺ وقال: يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة، أن أصلي في بيت المقدس، قال:«صلِّ هاهنا» يعني في مكة؛ ـ لأن مكة أفضل من بيت المقدس ـ فأعاد عليه، قال:«صلِّ هاهنا»، فأعاد عليه قال:«فشأنك إذن»(١).
ونظير هذا رجل شرع في صلاة الظهر منفرداً، فحضرت جماعة فحولها إلى نفل ليدخل مع الجماعة، فهذا جائز.
مثال آخر: رجل دخل في صلاة الظهر ولما وصل إلى الركعة الثانية تذكر شيئاً لا يفوت فقال: أقلبها إلى نفل من أجل أن أتخلص به منها، فهذا لا يجوز؛ لأن هذا تحيل على إسقاط واجب؛ لأنه إذا شرع في الفرض وجب عليه إتمامه، فالذي ينتقل عن شيء إلى آخر تخلصاً من الأول لوجوبه عليه فهذا لا يصح؛ لأن الواجبات لا تسقط بالتحيل عليها، كما أن المحرمات لا تحل بالتحيل عليها.
وأما من انتقل من واجب لتكميل هذا الواجب، فإن ذلك
(١) أخرجه أحمد (٣/ ٣٦٣)؛ وأبو داود في الأيمان والنذور/ باب من نذر أن يصلي في بيت المقدس (٣٣٠٥)؛ والحاكم (٤/ ٢٠٤) عن جابر ﵁ وصححه الحاكم على شرط مسلم، وصححه ابن دقيق العيد. انظر: «التلخيص» (٢٠٦٧).