للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحكام، وكلام الرسول لا بد أن يكون منضبطاً، ولا ينتقض بصورة من الصور، فلا يصح مرفوعاً؛ بل هو موقوف على ابن عباس من قوله.

فالصواب أن الطواف بالبيت ليس صلاة، بل هو عبادة مستقلة كالاعتكاف تماماً.

فإن قال قائل: إن النبي طاف طاهراً بدليل أنه صلى ركعتين بعد الطواف مباشرة ولم ينقل أنه توضأ؟ قلنا: نعم، نحن لا ننكر أن يكون الإنسان في الطواف على طهارة خيراً من أن يكون على غير طهارة، لأنه ذكر وعبادة فينبغي أن يتطهر لها؛ ولهذا قال النبي للرجل الذي سلم عليه ولم يرد عليه حتى تيمم قال: كرهت أن أذكر الله إلا على طهر (١)، فلا شك أن الوضوء في الطواف أفضل وأحوط.

فإن قيل: وقول ابن عباس ألا يكون حجة؟

فالجواب: أن قول الصحابي يكون له حكم الرفع إذا لم يكن للرأي فيه مجال، فإن كان للرأي فيه مجال فهو موقوف وللعلماء خلاف مشهور في قول الصحابي هل يكون حجة أو لا.

وأما الاستدلال بقوله تعالى: ﴿أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: ١٢٥]، فهذا أمر بتطهير البيت من الشرك


(١) أخرجه أبو داود في الطهارة/ باب في الرجل يرد السلام وهو يبول (١٧) وابن ماجه في الطهارة/ باب الرجل يُسلم عليه وهو يبول (٣٥٠) وصححه ابن خزيمة (٢٠٦) وابن حبان (٨٠٣) والحاكم (١/ ١٦٧) على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي عن المهاجر بن قنفذ .

<<  <  ج: ص:  >  >>