بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام» والاستثناء عند الأصوليين معيار العموم، أي: أنه إذا جاء شيء واستثني منه شيء دل ذلك على أن بقية الصور غير المستثناة داخلة في المستثنى منه، فيكون عاماً إلا في الصورة المستثناة، وهنا لا يصح أن يقال: إن الطواف بالبيت صلاة في كل شيء إلا الكلام؛ وذلك لأنه يخالف الصلاة في أشياء كثيرة سوى الكلام.
فمن ذلك: أنه لا يشترط فيه القيام، والصلاة يشترط فيها القيام، أي: لو طاف يزحف فإن طوافه صحيح.
ومن ذلك: أنه لا يشترط له تكبير، والصلاة يشترط لها تكبيرة الإحرام.
ومن ذلك: أنه لا يشترط له استقبال القبلة، بل لا بد أن يكون البيت عن يساره.
ومنها: أنه لا تشترط فيه القراءة لا الفاتحة، ولا غيرها، بل لا يسن فيه أن يقرأ الفاتحة بعينها وسورة معها.
ومنها: أنه ليس فيه ركوع ولا سجود، ولا يجب فيه تسبيح.
ومنها: أنه يجوز فيه الأكل والشرب، والصلاة لا يجوز فيها الأكل والشرب.
ومنها: أنه لا يبطله الضحك، والصلاة يبطلها الضحك.
ومنها: أنه لا تشترط فيه الموالاة على رأي كثير من العلماء، والصلاة تشترط فيها.