ومن المعلوم أننا لو أخذنا بظاهر اللفظ لقلنا: يجوز الدفع قبل منتصف الليل؛ لأنه دفع بليل، وهذا لا يقول به المؤلف ﵀.
ثم إذا قلنا: الواجب المبيت معظم الليل، فإن نصف الليل ليس هو معظم الليل؛ لأن الناس دفعوا من عرفة بعد غروب الشمس، والمسير من عرفة إلى مزدلفة يحتاج إلى ساعة ونصف أو ساعتين، ومن ثم كان من فقه أسماء بنت أبي بكر ﵄ أنها كانت تنتظر حتى إذا غاب القمر دفعت (١) وغروب القمر يكون في الليلة العاشرة بعد مضي ثلثي الليل تقريباً وقد يزيد قليلاً أو ينقص قليلاً، وكأنها ﵂ اعتبرت نصف الليل، لكن اعتبرت النصف من نزول الناس في مزدلفة، ونزول الناس في مزدلفة إذا اعتبرنا النصف، فإنه يزيد على النصف الحقيقي الذي هو من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، بنحو هذا المقدار الذي اعتبرته أسماء وهو غروب القمر، وهذا هو الصحيح أن المعتبر غروب القمر، وإن شئت فقل: إن المعتبر البقاء في مزدلفة أكثر الليل، ولكن يؤخذ من الليل المسافة ما بين الدفع من عرفة إلى وصول مزدلفة، فيكون ما ذهبت إليه أسماء ﵂ هو المطابق لمعظم الليل.
قوله:«وقبله فيه دم»، قال في الروض:«سواء كان عالماً بالحكم، أو جاهلاً، عامداً أو ناسياً».
(١) أخرجه البخاري في الحج/ باب من قدم ضعفة أهله بليل (١٦٧٩)؛ ومسلم في الحج/ باب استحباب تقديم الضعفة (١٢٩١).