الذي قام به المتمتع أولاً يكفي عن سعي الحج، هذا لا يمكن أن يقال به، ثم يقال: لو قلتم إنه سعيُ الحج قُدِّمَ فلا يَصح كيف يقدم سعي الحج قبل الإحرام بالحج؟ وهل يمكن أن يركع الإنسان قبل أن يدخل في الصلاة؟ لا يمكن، وليس لمن قال: إن المتمتع يكفيه سعي واحد إلا ما يفيده ظاهر حديث جابر ﵁: «لم يطف النبي ﷺ ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً الطواف الأول»(١)، والإجابة عن هذا سهلة جداً بأن يقال المراد بأصحابه الذي لم يحلوا وكانوا مثله.
وهذا هو الصحيح أن المتمتع يلزمه سعي للحج، كما يلزمه سعي للعمرة.
وقوله:«ولم يكن سعى مع طواف القدوم»، يفهم من كلام المؤلف أن القارن والمفرد، يجوز لهما أن يقدما سعي الحج بعد طواف القدوم، ويجوز أن يؤخراه، وكل هذا جائز، ولكن الأفضل ـ والله أعلم ـ أن يقدماه بعد طواف القدوم؛ لأن النبي ﷺ قدمه.
على أنه قد يقول قائل: أنا أنازع في هذا الاستدلال؛ لأن النبي ﷺ قدمه ليعلم أصحابه كيف يسعون، وعامة أصحابه يحتاجون إلى معرفة السعي؛ لأنهم تمتعوا، فلا يدل تقديمه إياه على وجه قطعي أن الأفضل تقديم السعي للمفرد والقارن بعد طواف القدوم، لكن نجيب عن هذا الإيراد بأن الأصل، في فعل النبي ﷺ أنه سنة، واحتمال أن يكون ذلك من أجل أن يعلم