أصحابه وارد، لكن إبقاء النص على ظاهره أولى، ولأنه في الغالب إذا سعى بعد طواف القدوم يكون أسهل؛ لأن الزحام حينئذٍ يكون أخف من الزحام في يوم العيد، وأيام التشريق.
وقوله:«ولم يكن سعى مع طواف القدوم»، يفيد بأن تقديم سعي الحج للقارن والمفرد لا يكون إلا إذا وقع بعد طواف القدوم، أريد بهذا لو قدم السعي على طواف القدوم لا يجزئ؛ لأنه لم يكن بعد طواف نسك، وبه نعرف خطأ من أفتى أهل مكة الذين يحرمون بالحج من مكة أن يطوفوا بالبيت وبالصفا والمروة بنية سعي الحج؛ ووجه الخطأ أن هؤلاء لا قدوم لهم؛ لأن طواف القدوم يشرع لمن يأتي من خارج مكة، وأهل مكة طوافهم ليس طواف قدوم، فلا يجزئهم تقديم السعي وهذه الفتوى وهم لا أساس لها من الأدلة.
قوله:«ثم قد حل له كل شيء»، أي: حلَّ للحاج كل شيء، وهذا عام أريد به الخاص، أي: كل شيء حرم عليه بالإحرام، فإنه يحل له إذا طاف طواف الإفاضة، وسعى سعي الحج، إذا كان متمتعاً، أو كان مفرداً، أو قارناً ولم يكن سعى مع طواف القدوم.
وفي هذا دليل على أن العام ولو كان بلفظ «كل» قد يراد به الخاص، والذي يعين أن المراد به الخاص السياق أو القرينة.
ومن ذلك قوله تعالى: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا﴾ [الأحقاف: ٢٥]، أي: ريح عاد، فهل دمرت السموات والأرض؟