لحرمة النسك، وفعل المحظور انتهاك لحرمة النسك، فيكون ابن عباس ﵄ بنى هذا الحكم على اجتهاد، وإذا بناه على اجتهاد، فإنه يكون قول صحابي وليس مرفوعاً.
ويبقى النظر، هل قول الصحابي حجة؟
الجواب: فيه خلاف بين العلماء مشهور في أصول الفقه، وهو عند الإمام أحمد ﵀ حجة ما لم يخالف نصاً أو قول صحابي، فإن خالف نصاً فلا عبرة به، العبرة بالنص، وإن خالف قول صحابي طلب الترجيح بين القولين.
إذاً المسألة على هذا التقرير تكون من باب الاجتهاد، ونحن نفتي الناس بالدم، وإن كان في النفس شيء من ذلك، لكن من أجل انضباط الناس، وحملهم على فعل المناسك الواجبة بإلزامهم بهذا الشيء؛ لأن العامي إذا قلت له: ليس عليك إلا أن تستغفر الله وتتوب إليه، سهل الأمر عليه، مع أن التوبة النصوح أمرها صعب.
وفهم من قوله:«فإن شق أو لم يرجع فعليه دم»، أن الإنسان ليس مخيراً بين أن يقوم بالواجب أو يذبح عنه فدية كما يظنه بعض الجهال، فبعض الجهال يقول: وقفت بعرفة ونزلت إلى مكة، وطفت طواف الإفاضة وسعيت وبقي المبيت بمزدلفة وبمنى ورمي الجمار وطواف الوداع، أو أذبح عشرة ذبائح وليس أربعة، فهذا ليس بجائز؛ لأن المسألة ليست مسألة تخيير لكن المسألة أنه إذا فات الواجب ولم يمكن تداركه فإنه يفدي بدم، وبعض الجهال يظن أنه مخير، ولهذا تجده يقول: أنا لا يهمني أتجاوز