والصورة الثانية: إذا نواهما جميعاً فيجزئ أيضاً؛ لقول النبي ﷺ:«إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى»(١).
والصورة الثالثة: إذا نوى طواف الوداع فقط ولم ينو طواف الإفاضة، فإنه لا يجزئه عن طواف الإفاضة ولا عن طواف الوداع.
وهذه مسألة يجب أن ينبه الناس عليها؛ لأن أكثرهم إذا أخر طواف الإفاضة فطافه عند الخروج نوى الوداع فقط، ولا طرأ على باله طواف الإفاضة، فنقول في هذه الحال: إنه لا يجزئه؛ لأن طواف الإفاضة ركن وطواف الوداع واجب فهو أعلى منه، ولا يجزئ الأدنى من الأعلى ولأنه لم ينو طواف الإفاضة، ولا يجزئه عن طواف الوداع، لأن من شرط طواف الوداع أن يكون بعد استكمال النسك، والنسك لم يتم.
لكن لو قال قائل: ألستم تقولون إن الرجل إذا حج عن نفسه قبل الفريضة ونواها نافلة فإنها تقع عن الفريضة؟
فالجواب: بلى نقول ذلك، وكذلك لو حج عن غيره ولم يحج عن نفسه مع وجوب الحج عليه فإن الحج يقع عن نفسه، والفرق أن مسألتنا جزء من حج بخلاف الحج كاملاً، فالحج كاملاً تكون الذمة فيه مشغولة بالفريضة، فإذا أدى ما دون الفريضة صار للفريضة، وأما هذا فهو جزء من عبادة، فإن طواف الوداع إن قلنا إنه من الحج فهو جزء منه، وإن قلنا: إنه مستقل فإنه لا يمكن أن يجزئ واجب عن ركن.