وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾ [البقرة: ١٩٦]، فيه إشارة إلى أنه لا بد من الحلق؛ لقوله: ﴿وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ﴾، لكن السنة صرحت بذلك بأنه لا بد من الحلق أو التقصير.
مسألة: المشهور من المذهب أن الحصر خاص بمنع العدو، وأما غير العدو فإنه لا إحصار فيه كضياع النفقة والمرض ونحو ذلك.
ومن حبس بغير حق، فهل هو كمن حصر بعدو؟
يقولون: إنه كمن حصر بالعدو؛ وذلك لأن هذا الذي حبسه بغير حق اعتدى عليه فيكون كالذي منعه العدو.
قوله:«وإن صد عن عرفة تحلل بعمرة»، الكلام في الأول فيمن صد عن البيت؛ لأن من صد عن البيت لا يمكن أن يتحلل بعمرة؛ لأن العمرة لا بد لها من طواف، ولكن من صد عن عرفة فقط بأن يكون في عرفة عدو يمنع الناس من الوصول إليها، فهنا يقول:«تحلل بعمرة» فيتحلل بعمرة، ولا شيء عليه إن كان قبل فوات وقت الوقوف، وإن كان بعده فإنه يقضي؛ لأنه فاته الحج، والأول الذي أحصر عن عرفة، ثم لما رأى أنه لا يمكن أن يقف جعل إحرامه عمرة فلا شيء عليه.
وعللوا ذلك بأنه يجوز لمن أحرم بالحج أن يجعله عمرة ولو بلا حصر ما لم يقف بعرفة، أو يسق الهدي كما مر بنا في التمتع، هكذا قالوا ﵏: بأنه إذا صد عن عرفة تحلل بعمرة قبل فوات الوقوف، فإن لم يتحلل إلا بعده صار كمن فاته الوقوف يتحلل بعمرة ويقضي من العام القادم.