تُفْلِحُونَ *﴾ [آل عمران]، وأول ما يدخل في الآية الرباط على الثغور، فيرابط الإنسان ليحمي بلاد المسلمين من دخول الأعداء، ويجب على المسلمين أن يحفظوا حدودهم من الكفار إما بعهد وأمان، وإما بسلاح ورجال حسب ما تقتضيه الحال.
والرباط أقله ساعة، أي: لو ذهب الإنسان بالتناوب مع زملائه ساعة واحدة حصل له أجر، وتمامه أربعون يوماً، هكذا جاء في الحديث (١)، ولكن لو زاد على الأربعين هل له أجر؟
الجواب: نعم له أجر، لا شك.
ثم هل الأولى أن يذهب بأهله إلى هذه الثغور؛ ليسكنوا معه، أو الأولى ألاّ يذهب بهم خوفاً عليهم؟
الجواب: فيه تفصيل، إذا كان الثغر مخوفاً فلا ينبغي أن يذهب بأهله، وإذا كان غير مخوف فالأولى أن يذهب بهم ليزداد طمأنينة؛ لأن الإنسان إذا كان بعيداً عن أهله فإنه سوف يكون منشغل البال على أهله وولده.
قوله:«وإذا كان أبواه مسلمَيْن لم يجاهد تطوعاً إلا بإذنهما» أبَوا الشخص هما أمه وأبوه، وأُطْلِق عليهما الأبوان من باب التغليب، كما يقال: القمران للشمس والقمر، ويقال: العُمَران لأبي بكر وعمر ﵄، فإذا كان الإنسان له أبوان
(١) أخرجه الطبراني في «الكبير» (٧٦٠٦)، وقال في «مجمع الزوائد» (٥/ ٢٩٢): «وفيه أيوب بن مدرك وهو متروك»، وأخرجه ابن أبي شيبة (٥/ ٣٢٨) عن أبي هريرة ﵁ موقوفاً وعن مكحول عن النبي ﷺ مرسلاً (٥/ ٣٢٨)؛ والحديث ضعفه الألباني في «الإرواء» (٥/ ٢٣).