مسلمان، وأراد الجهاد تطوعاً فإنه لا بد من إذنهما، فإن أذنا له وإلا حرم عليه الجهاد.
فإن قال قائل: هل يلزم استئذان الأب والأم لكل تطوع قياساً على الجهاد، بمعنى أنه إذا أراد أن يقوم الليل هل يشترط إذن الأبوين؟ وإذا أراد أن يصلي الراتبة أو أراد أن يطلب العلم هل يستأذن الأبوين؟.
نقول: لا يشترط. والفرق أن الجهاد فيه خطر على النفس، وسوف تتعلق أنفس الأبوين بولدهما الذاهب إلى الجهاد، ويحصل لهما قلق، بخلاف ما إذا سافر لطلب العلم في بلد آمن، أو إذا تطوع في بلده بشيء من التطوع، فإن ذلك لا ضرر على الأبوين فيه، وفيه منفعة له.
ولهذا نقول: ما فيه منفعة للإنسان ولا ضرر على الأبوين فيه فإنه لا طاعة للوالدين فيه منعاً أو إذناً؛ لأنه ليس فيه ضرر وفيه مصلحة، وأي والد يمنع ولده من شيء فيه مصلحة له، وليس على الوالد فيه ضرر فإنه مخطئ فيه وقاطع للرحم؛ لأن الذي ينبغي للأب أن يشجع أولاده من بنين أو بنات على فعل كل خير، ونظير هذا أن بعض النساء يمنعن بناتهن من صوم أيام البيض، أو من صوم يومي الاثنين والخميس بحجة أن في ذلك مشقة، وكلفة عليهن، مع أن الذي يحس بالكلفة والمشقة هن البنات الصائمات، فلا يحل للوالد أن يمنع ولده من فعل طاعة، سواء أكان ذكراً أم أنثى، إلا إذا كان على أحد الأبوين في ذلك ضرر، كما لو كان الأب أو الأم يحتاج أحدهما إلى تمريض