قوله:«والميتة» هذا عطف على قوله: «إلا الكلب»، يريد ﵀ أن يبين ما يحرم بيعه من الأعيان: فذكر الكلب، والحشرات، والمصحف، والميتة.
والحشرات استثنينا منها ما يمكن الانتفاع به، ومثَّلنا لذلك بالعَلَق لمص الدم، والديدان لصيد السمك.
الميتة لا يصح بيعها؛ لقول النبي ﷺ:«إن الله حرم بيع الميتة»، وأضاف التحريم إلى الله تأكيداً له؛ لأن إضافة الشيء إلى ملك الملوك معناه قطع النزاع فيه، وأنه لا يمكن لأحد أن ينازع، فالله ﷿ حرم بيع الميتة.
وأورد الصحابة ﵃ وهم الحريصون على العلم، إيراداً «فقالوا: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه تطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟».
السفن من خشب وتطلى بالشحوم؛ ليكون بها الدهن الذي يزل عنه الماء ولا يدخل في الخشب، لأنه لو دخل في الخشب لأثقلها.
«وتدهن بها الجلود» ـ وهذا ظاهر ـ لتلين؛ لأن الجلد إذا دهن لان.
«ويستصبح بها الناس»، أي: يجعلونها مصابيح، فقد كان الناس في الأول يجعلون الدهن بمنزلة (الوقود) يضعونه في إناء، ويضعون فيه فتيلاً ويوقدون رأس الفتيل للاستضاءة، فقال النبي ﷺ:«لا، هو حرام»(١).
(١) أخرجه البخاري في البيوع/ باب بيع الميتة والأصنام (٢٢٣٦)؛ ومسلم في المساقاة/ باب تحريم بيع الخمر والميتة (١٥٨١) عن جابر ﵁.