من الجلد فأخذوها، فإذا هذا الدم الذي احتقن في هذه الصرة هو المسك، وفي ذلك يقول المتنبي:
فإن تفق الأنام وأنت منهم
فإن المسك بعض دم الغزال
هذا ما ذهب إليه المؤلف أنه لا يصح بيع المسك في فأرته، وهو المذهب؛ لأنه مجهول، والمسك غالٍ إن قدرته بالوزن فقد تكون الفأرة سميكة، وإن قدرته بالحجم فكذلك.
القول الثاني: أنه يصح بيعه في فأرته؛ لأن هذه الفأرة وعاء طبيعي فهي كقشرة الرمانة، ومن المعلوم أن الرمانة يصح بيعها ووعاؤها قشرها، فقد يكون فيه شيء من الشحم كثير، وقد يكون فيه شيء قليل، ثم إن أهل الخبرة في هذا يعرفونه إما باللمس والضغط عليه، أو بأي شيء، وهم يقولون: إن هذا مستتر بأصل الخلقة، وقد تبايعه الناس في كل عصر ومصر من غير نكير، فيقال: أيضاً المسك في فأرته مستتر بأصل الخلقة، وهذا الذي ذهب إليه ابن القيم، فهو مستتر بأصل الخلقة كالبطيخ والرمان وما أشبه ذلك، وهذا هو الصحيح.
قوله:«ولا نوى في تمره» فلو أن إنساناً عنده تمر في وعاء، وقال له آخر: بعني نوى هذا التمر، وقال: نعم أبيعك النوى، فإن البيع لا يصح؛ لأنه كالحمل في البطن. ويصح بيع التمر بنواه، كما يصح بيع الحامل بحملها ولا يصح بيع النوى في التمر؛ لأنه مجهول فيكون داخلاً في بيع الغرر، والنوى يختلف حتى في النوع الواحد، ربما تأكل تمرة فتجد فيها نواة كبيرة، وربما تأكل تمرة من هذا النوع فتجد فيها نواة صغيرة؛ لذلك لا يصح بيع النوى في التمر.