ونحن قلنا: لا يصح البيع ولا الشراء، أفلا يقول قائل: إن البيع والشراء متلازمان؟.
قلنا: مراده بالشراء هنا القبول؛ لأنه قد يوجب البائع البيع، فيقول: بعت عليك هذا بعشرة، وبعد ذلك يقول المؤذن: الله أكبر، فيقول الثاني: قبلت، فالذي وقع بعد النداء هو الشراء، وإلا فمن المعلوم أنه لا بيع إلا بشراء ولا شراء إلا ببيع، لكن قد يقع القبول بعد النداء، والإيجاب قبل النداء، فنقول: إن البيع لا يصح.
وقوله:«ممن تلزمه الجمعة» يشمل من تلزمه بنفسه ومن تلزمه بغيره، فالذي تلزمه بنفسه من اجتمعت فيه شروط الوجوب، وأما من تلزمه بغيره فهو من لم تجتمع فيه الشروط، ولكن إذا أقيمت الجمعة وجبت عليه، من ذلك المسافر الذي يلزمه الإتمام وهو ـ على المذهب ـ من نوى إقامة أكثر من أربعة أيام، وتفصيل ذلك يوجب علينا أن نرجع إلى شروط من تجب عليه الجمعة، وهي مذكورة في باب صلاة الجمعة.
قوله:«بعد ندائها الثاني» أفادنا المؤلف ﵀ أن للجمعة ندائين، أولاً وثانياً، فأما الثاني فهو الموجود على عهد النبي ﷺ حين يجيء الإمام فيؤذن المؤذن فحملت الآية عليه؛ لأنها نزلت في وقت لا يوجد فيه إلا أذان واحد وهو الثاني، فلذلك نقول: إن الحكم معلق به. أما الأذان الأول فإنما حدث في زمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان ﵁ حين اتسعت المدينة وبَعُدَ الناس، جعل للجمعة نداءين من أجل أن