للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول الثاني: أنه لا يجوز أن يتصرف في المبيع قبل قبضه مطلقاً في كل شيء، وهذا ما ذهب إليه عبد الله بن عباس ﵄ حيث قال: «ولا أحسب كل شيء إلا مثله» (١)، وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀، وقال: إن المبيع لا يباع قبل القبض سواء بيع بكيل أو وزن أو عد أو ذرع أو رؤية سابقة أو صفة، وهذا الذي يؤيده حديث ابن عمر ﵄: «أنهم كانوا يبيعون الطعام جزافاً على عهد النبي ﷺ في السوق فنهاهم أن يبيعوه حتى ينقلوه» (٢)، أي: إلى مكان آخر.

واستدل الشارح لهذه المسألة: بحديث ابن عمر ﵄ قال: «كنا نبيع الإبل بالبقيع بالدراهم ـ وفي لفظ بالنقيع بالدراهم ـ فنأخذ عنها الدنانير وبالعكس»، أي: بالدنانير فنأخذ الدراهم فسألنا رسول الله ﷺ فقال: «لا بأس أن تؤخذ بسعر يومها ما لم يفترقا وبينهما شيء» (٣).

والحديث دليل لا يطابق المدلول؛ وجه ذلك أن الحديث إنما هو بيع ما في الذمة، وليس بيع شيء معين، فقد كانوا يبيعون الإبل بالدراهم، والدراهم ثابتة في ذمة المشتري، ويبيعونها بالدنانير وهي ثابتة في ذمة المشتري، فيأخذون عن الدراهم دنانير، وعن الدنانير دراهم، وكلامنا نحن في الشيء المعين، هل يجوز أن يباع قبل أن يقبض أو لا؟ وعليه فلا دلالة في الحديث


(١) سبق تخريجه ص (٣٦٨).
(٢) سبق تخريجه ص (٢١٢).
(٣) سبق تخريجه ص (٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>