للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكون الرسول ذكر هذه الأشياء فعلى سبيل التمثيل؛ لأنه هو الذي كان موجوداً، مثل صدقة الفطر قال: «صاعاً من بر وصاعاً من شعير» (١)، مع أنه يوجد أشياء أخرى، ولكن ما هو مناط الحكم، أي: ما هي العلة الدقيقة التي يمكن أن نلحق بها ما سوى هذه الأصناف الستة؟ هذا ـ أيضاً ـ محل نزاع.

فقال بعض العلماء: العلة الكيل والوزن؛ لأن هذه الأشياء إما مكيلة أو موزونة، فالكيل في الأصناف الأربعة، والوزن في الذهب والفضة، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وبناءً على هذا نقول يجري الربا في كل مكيل قياساً على الأصناف الأربعة، وفي كل موزون قياساً على الصنفين الآخرين الذهب والفضة، ولا يجري الربا في غير المكيل والموزون، ولا يشترط أن يكون مطعوماً حتى ولو كان لا يؤكل، وعلى هذا فالإشنان يكال ولا يؤكل فيجري فيه الربا لأنه يكال.

ولو أبدل برتقالة ببرتقالتين فهذا يجوز، إذ ليس مكيلاً ولا موزوناً، ويعتبر من المعدود، والدليل حديث الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر، ولننظر هل الدليل يطابق المدلول أم المدلول أعم؟ ومعلوم أنه إذا كان المدلول أعم فإنه لا يصح الاستدلال؛ لأنه الدليل الأخص يخرج ما عدا المخصوص، وإذا كان الدليل أعم واستدللنا به على أخص يجوز؛ لأن الأخص فرد من أفراد العموم، فهذه قاعدة في الاستدلال أنه متى كان الدليل أخص فإنه لا يصح الاستدلال به على الأعم والعكس بالعكس،


(١) أخرجه البخاري في الزكاة/ باب نص صدقة الفطر (١٥٠٣) ومسلم في الزكاة/ باب زكاة الفطر على المسلمين … (٩٨٤) (١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>