فالرسول ﷺ عين أشياء ولم يذكر أشياء، فإذا استدللنا بالحديث على كل مكيل أو موزون فقد استدللنا بالأخص على الأعم.
وقال بعض العلماء: العلة الطعم في الأصناف الأربعة، والثمنية في الذهب والفضة، وهذا هو المشهور من مذهب الشافعي، وبناءً على هذا إذا أبدل برتقالة ببرتقالتين فإنه لا يجوز؛ لأنها مطعومة، وأيضاً إذا أبدل طناً من الحديد بطنين من الحديد فهذا يجوز، وعلى القول الأول لا يجوز.
وأقرب شيء أن يقال: إن العلة في الذهب والفضة كونهما ذهباً وفضة، سواء كانا نقدين أو غير نقدين، والدليل على أن الربا يجري في الذهب والفضة، وإن كانا غير نقدين، حديث القلادة الذي رواه فضالة بن عبيد ﵁:«أنه اشترى قلادة فيها ذهب وخرز باثني عشر ديناراً ففصلها فوجد فيها أكثر، فنهى النبي ﷺ أن تباع حتى تفصل»(١). ومعلوم أن القلادة خرجت عن كونها نقداً، وعلى هذا فيجري الربا في الذهب والفضة مطلقاً سواء كانا نقداً أم تبراً أم حليّاً، على أي حال كانا، ولا يجري الربا في الحديد والرصاص والصفر والماس وغيرها من أنواع المعادن.
أما العلة في الأربعة فكونها مكيلة مطعومة، يعني أن العلة مركبة من شيئين الكيل والطعم، إذ هذا هو الواقع، فهي مكيلة مطعومة، ويظهر أثر الخلاف في الأمثلة:
فإذا باع صاعاً من الإشنان بصاعين، منه، فإذا قلنا: إن
(١) أخرجه مسلم في المساقاة/ باب بيع القلادة فيها خرز وذهب (١٥٩١) (٩٠) عن فضالة بن عبيد ﵁.