للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاجة دون الضرورة، والقاعدة أن المحرم لا يجوز إلا للضرورة؛ لقول الله : ﴿وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١١٩]؟ فهذا إيراد جيد لا شك فيه.

فالجواب: أن نرده بالقاعدة المعروفة عند العلماء، وهي: (أن ما حرم تحريم الوسائل جاز للحاجة)؛ لأن المحرمات نوعان:

محرمات تحريم غاية لذاتها، ومحرمات تحريم وسيلة.

وربا الفضل هل تحريمه تحريم غاية أو وسيلة؟

الجواب: يقول العلماء: إن تحريمه تحريم وسيلة، ويستدلون على ذلك بقول النبي في حديث أسامة بن زيد : «إنما الربا في النسيئة» (١)، وهذه الجملة جملة حصر، كأنه قال: لا ربا إلا في النسيئة، فيقال: المراد بهذا الربا الربا الذي هو الغاية، أما ربا الوسيلة فموجود في التفاضل إذا بيع الشيء الربوي بجنسه.

مثال آخر: الحرير حرام على الذكور، ويجوز أن يلبسه الإنسان إذا كان فيه حكة من التهاب في جسده؛ ليخفف هذه الحكة، ومع أن هذا ليس ضرورة، لكن جاز؛ لأن أصل تحريم الحرير على الذكور أنه غير لائق بهم، وأنه وسيلة إلى أن يكون الإنسان الذكر الذي فضله الله بالرجولة بمنزلة الأنثى التي تنشأ في الحلية، ولهذا حرم الذهب والحرير على الذكور.


(١) أخرجه البخاري في البيوع/ باب بيع الدينار بالدينار نساء (٢١٧٨)؛ ومسلم في البيوع/ باب بيع الطعام مثلاً بمثل (١٥٩٦) (١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>