مثال ثالث: آنية الفضة حرام، فإذا كان عند إنسان إناء من غير الفضة وانكسر، وأراد أن يلم بعضه إلى بعض بسلسلة من فضة جاز، مع أنه سوف يستعمل هذا الإناء، وفيه شيء من الفضة، لكن يقال: يجوز للحاجة مع أنه في الأصل محرم؛ لأنه حرم تحريم الوسائل، إذ إن الذهب والفضة استعمالهما في الأواني يؤدي إلى الفخر والخيلاء والاستكبار والتعاظم، ولهذا قال النبي ﷺ:«إنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة»(١).
والخلاصة أن قول المؤلف:«ورطبه بيابسه» يستثنى منه العرايا، وهي بيع الرطب على رؤوس النخل بالتمر، بالشروط السابقة.
فإن قال قائل: حاجة المشتري واضحة، أي: أن المشتري محتاج إلى رطب، لكن لو كان البائع محتاجاً لتمر، وليس عنده مال إلا ما في رؤوس النخل من الرطب فهل يجوز أو لا؟ والفرق بين الصورتين واضح، ففي العرايا التي ورد فيها الحديث يكون المشتري هو المحتاج للرطب، فإذا كان صاحب الرطب هو المحتاج للتمر، فهل يجوز أن ندفع حاجته إذا لم يكن عنده دراهم، ونقول: لا بأس أن تشتري تمراً بالرطب بالشروط التي ذكرناها؟
قال بعض العلماء: لا يجوز؛ لأن هذه الصورة مستثناة، والمستثنى لا يقاس عليه غيره.
(١) أخرجه البخاري في الأطعمة/ باب الأكل في إناء مفضض (٥٤٢٦) ومسلم في اللباس/ باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة (٢٠٦٧) عن حذيفة ﵁.