وظاهر كلام الفقهاء أنه مباح مطلقاً، وينبغي أن يقال: إنه مباح لمن له وفاء، وأما من ليس له وفاء فإن أقل أحواله الكراهة، ولهذا لم يرشد النبي ﷺ الرجل الذي أراد أن يتزوج وقال:«ليس عندي شيء» إلى أن يقترض، بل زوجه بما معه من القرآن (١)، فدل هذا على أنه ينبغي للإنسان ما دام عنده مندوحة عن الاقتراض أن لا يقترض، وهذا من حسن التربية؛ لأن الإنسان إذا عوَّد نفسه الاقتراض سهل الاقتراض عليه، ثم صارت أموال الناس التي في أيديهم كأنها مال عنده لا يهمه أن يقترضها، فلهذا ينبغي للإنسان أن لا يقترض إلا لأمر لا بد منه، هذا إذا كان له وفاء، أما إذا لم يكن له وفاء فإن أقل أحواله الكراهة وربما نقول بالتحريم، وفي هذه الحال يجب عليه أن يبين للمقرض حاله؛ لأجل أن يكون المقرض على بصيرة.
ولكن إذا قال قائل: الولي على مال اليتيم هل يندب له أن يقرض؟
فالجواب: لا؛ لأن الله يقول: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أْحْسَنُ﴾ [الأنعام: ١٥٨]، لكن لو كان إقراضه من مصلحته
(١) أخرجه البخاري في الوكالة/ باب وكالة المرأة الإمام في النكاح (٢٣١٠)، ومسلم في النكاح/ باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن (١٤٢٥) عن سهل بن سعد ﵁.