فهنا يكون الإقراض مستحبّاً من وجهين: من جهة الإحسان للمستقرض، ومن جهة الإحسان في حفظ مال اليتيم.
ثم ذكر المؤلف ﵀ ضابط ما يصح قرضه فقال:
«وما يصح بيعه صح قرضه»(ما) هنا يجوز أن تكون اسماً موصولاً، أي: والذي يصحُّ بيعه صح قرضه، وأجيب بما يشبه جواب الشرط؛ لأن اسم الموصول يشبه الشرط في العموم، ومنه المثال المشهور الذي يأتيني فله درهم، فهذه بمنزلة قولك من يأتني فله درهم، ويحتمل أن تكون اسم شرط ويكون فعل الشرط «يصحَّ» على أنها مجزومة حركت بالفتح لالتقاء الساكنين وجوابه «صح».
هذا هو الضابط، فكل ما صح بيعه صح قرضه، وكل ما لا يصح بيعه لا يصح قرضه.
وعلى هذا، فالكلب لا يصح قرضه؛ لأنه لا يصح بيعه، والميتة لا يصح قرضها حتى لمن حلت له فإنه لا يصح قرضها؛ لأنه لا يصح بيعها، والمرهون لا يصح قرضه؛ لأنه لا يصح بيعه، والموقوف لا يصح قرضه؛ لأنه لا يصح بيعه وهلم جرّاً.
وظاهر كلام المؤلف في قوله:«وما يصح بيعه» أنه يصح قرض المنافع؛ لأن المنافع يجوز بيعها مثل الممر في الدار، فأملك المنفعة في هذا الممر لكن لا أملك الممر، فبيع المنافع جائز أما إقراضها، فالمذهب لا يجوز، واختار شيخ الإسلام جواز ذلك بأن أقول: أقرضني نفسك اليوم لتساعدني على الحصاد وغداً أوفيك، أي: أحصد معك، وهذا هو الصحيح، لوجهين: