أن يبيع البيت ويتصرف فيه؛ لأن الرهن لا يلزم إلا بالقبض، ولا قبض هنا، وهذا أحد القولين في هذه المسألة.
القول الثاني: أنه يلزم بالعقد في حق من هو لازم في حقه، بدون قبض وأن القبض من التمام؛ لأننا متفقون على أن الرهن يثبت بالعقد فإذا كان كذلك فقد قال الله ﵎: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١]، وهذا يدخل فيه عقد الرهن سواء قبض المرهون أم لم يقبض.
وقوله ـ تعالى ـ ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء: ٣٤]، لأن جميع الناس يستقبحون هذا، أي: أن يرهنه ويعطيه ثقةً، ثم بعد ذلك يبيع ويفسخ الرهن، وأيضاً فإننا لو قلنا بعدم اللزوم، لكان في ذلك فتح باب لكل متحيِّل، يتحيل عليه بعدم القبض، ثم إذا تم العقد والرهن ذهب فباعه، وما كان ذريعة إلى الباطل فهو باطل، وهذا القول هو الراجح، للأدلة التي ذكرت.
وأما قوله ـ تعالى ـ: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: ٢٨٣]، فليقرأ الإنسان ما بعدها، حيث قال ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾، فإن آخر الآية يدل على أنه إذا حصل الائتمان بيننا فإنه لا يجب رهن ولا إشهاد ولا كتابة، وأيضاً ظاهر الآية أنه لا يجوز الرهن إلا في حال السفر، وأنتم ترون جوازه في السفر والحضر وهو الحق، وإنما نص الله ـ تعالى ـ على القبض في المسألة الأولى؛ لأنه لا يمكن أن يتمكن من