للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوثقة حق التمكن إلا إذا قبض، فهو على سفر، وليس عنده كاتب فلا يتوثق من حقه إلا بالرهن المقبوض؛ لأنه إذا لم يقبضه فإنه يجوز أن ينكر المدين الرهن، كما أن الرهن إنما كان من أجل ألا يحصل هناك تناكر بين البائع والمشتري، وعلى هذا فنقول: ليس في الآية ما يدل على أن القبض شرط، وإنما يدل على أن القبض من كمال التوثقة؛ لأن الله ـ تعالى ـ ذكره في صورة معينة: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾، ثم أعقب ذلك بقوله: ﴿فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣].

أما الحديث وهو: «الظهر يركب بنفقته، ولبنُ الدَّرِّ يشرب بنفقته» (١) فهذا نعم، نقول بموجبه إذا قبض، وهل هذا يدل على أن القبض شرط للزوم؟

الجواب: لا، وكذلك نقول في مسألة رهن النبي درعه عند اليهودي (٢)، فالصواب أنه يلزم بمجرد العقد وهو الذي عليه عمل الناس من قديم الزمان ـ وهو خلاف المذهب ـ فتجد الفلاح يستدين من الشخص ويرهن مزرعته وهو باقٍ في المزرعة، ويستدين صاحب السيارة من شخص ويرهن السيارة والسيارة بيد صاحبها، وكلٌ يعرف أن هذا المرهون لا يمكن أن يتصرف فيه الراهن، وأن الرهن لازم، ولا يملك الراهن أن يفسخه.


(١) سبق تخريجه ص (١٢١).
(٢) سبق تخريجه ص (١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>