احبسوني، فظاهر كلام المؤلف: أنه لا يباع، وإنما يستعمل معه الحبس، وإلى متى؟ إلى يومين أو ثلاثة أو أربعة، فلم يحدد، بل إلى أن يوفي، وإلا سيبقى في الحبس دائماً، ولا شك أن هذا فيه إضرار بلا مصلحة، إضرار بصاحب الدين من جهة، وإضرار بالغريم المدين من جهة أخرى.
ولهذا لو كان أحد من العلماء يقول: بأنه لا يحبس ولا يضرب، وإنما يتولى الحاكم الوفاء مباشرة مما عنده، لو قيل بهذا لكان له وجه؛ لأن في ذلك مصلحة للطرفين، أما صاحب الحق فمصلحته ظاهرة أنه يسلم إليه الحق، وأما المدين وهو الغريم فالمصلحة في حقه انتفاء الضرر عليه بالسجن أو الضرب، وحينئذٍ نقول: إذا استوفى صاحب الحق حقه، فلا حرج على القاضي أو ولي الأمر أن يؤدب هذا المماطل بحبس، أو ضرب، فيكون هنا التأديب فيه مصلحة، ألا يعود مثل هذا إلى المماطلة، وأما المبادرة بتولي قضاء الدين ففيه مصلحة لصاحب الدين.
وقوله:«فإن أصر ولم يبع ماله باعه الحاكم وقضاه»«باعه» الهاء تعود على المال، و «الحاكم» القاضي، وكلما جاءت كلمة «الحاكم»، فالمراد به القاضي، لكن لو أنه جَعَلَ هيئةً للنظر في الديون، صارت هذه الهيئة تتولى شؤون الديون، ولا يتولاها الحاكم.
مسألة: هل يجوز أن يشتري الناس والمالك لم يرضَ؟ يجوز، لأنه بيع بحق والبيع لا يصح إذا كان مكرهاً بغير حق، أما إن كان بحق فلا بأس به، ومن ثَمَّ ننتقل إلى مسألة مشكلة