لا يشترط كون البذر في المزارعة من رب الأرض، ولا كون الشجر وهو الغراس في المغارسة من رب الأرض.
قد يقول قائل: لماذ ينفي المؤلف الشرط؟
نقول: لدينا قاعدة سبق ذكرها، وهي أن العلماء المؤلفين إذا نفوا شيئاً فهو لدفع قول قيل، وإلا كان سكوته عن اشتراطه يدل على أنه ليس بشرط، لكن إذا نفاه فكأنه يشير إلى قول بإثباته، فإذا قال: لا يشترط كذا، فإننا نقول: هذا إشارة إلى قول بخلاف ذلك، أي: دفعاً لهذا القول؛ لأن من العلماء من قال: يشترط في المزارعة أن يكون البذر من رب الأرض، فإذا أعطيت شخصاً أرضاً يزرعها فأعطه البذر، وإذا كان البذر منه لم يصح؛ لأن المزارعة صنو المضاربة، إذ المزارعة دفع أصل لمن يعمل به بجزء من ربحه، والمضاربة هي دفع مال لمن يعمل به بجزء من ربحه، فإذا كانت مضاربة فلا بد أن يكون المال من المضارب، فكذلك يجب أن يكون البَذر من رب الأرض لا من العامل. والصحيح أنه ليس بشرط وهو الذي مشى عليه صاحب المتن والدليل على ما قاله سلبي وإيجابي.
فالسلبي أن نقول: الأصل عدم الشرط وأن العقود بين المسلمين جائزة بدون شرط، ولهذا نقول لمن منع عقداً من العقود: إيتِ بالدليل، ومن منع عقداً من العقود إلا بشرط قلنا: إِيتِ بالدليل؛ لأنه إذا كان منع العقد من أصله يحتاج إلى دليل، فمنع وصف في العقد يحتاج ـ أيضاً ـ إلى دليل؛ لأن منع العقد إلا بوصف أو شرط هو في الحقيقة منع لكنه ليس منعاً مطلقاً، بل