أحمد ﵀ من هذا الشرط، ولكن ما يقع قربة بالقصد وينتفع به الغير فلا بأس أن يأخذ الإنسان عليه أجرة من أجل نفع الغير، كالتعليم، إنسان قال لآخر: أريد أن تعلمني باب شروط الصلاة، فقال: ليس عندي مانع، لكن بشرط أن تعطيني أجرة، فنقول: هذا لا بأس به؛ لأن العوض هنا ليس عن التعبد بالعمل ولكن عن انتفاع الغير به.
لو أن شخصاً طُلب منه أن يعلم آخر سورة البقرة فقال: لا أعلمه إلا بأجرة فإنه يجوز؛ لأن هذا للتعليم لا للتلاوة، وفرق بين أن يكون للتعليم الذي يتعدى نفعه للغير وبين التلاوة.
ولو أن إنساناً قال لمريض: أنا لا أرقيك إلا بأجرة، وهو يريد أن يرقيه بالقرآن، فهذا يجوز؛ ولهذا لما بعث النبي ﷺ سرية، فنزلوا على قوم ضيوفاً، فأبى القوم أن يضيفوهم، بعث الله على سيدهم عقرباً فلدغته ـ وكانت والله أعلم شديدة ـ فطلبوا من يعالجه، قالوا: لعل هؤلاء القوم فيهم من يرقي، يعنون بذلك الصحابة ﵃ الذين تنحوا عنهم لمَّا لم يضيفوهم، فجاؤوا إلى الصحابة ﵃ وقالوا: إن سيدهم قد لُدغ، فهل منكم من راقٍ؟ قالوا: نعم، منا من يرقيه، ولكن لا نرقيه إلا بطائفة من الغنم؛ لأنكم ما أكرمتمونا، ولا ضيفتمونا، فقالوا: لا بأس، فقرأ عليه القارئ، فقام كأنما نشط من عقال بإذن الله، ولم يقرأ عليه إلا سورة الفاتحة فقط، التي يقرأها بعض الناس اليوم ألف مرة ولا يستفيد المريض، فقرأ عليه سورة الفاتحة وبرأ بإذن الله، فأعطوهم الطائفة من الغنم ولكن أشكل