للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم الأمر، فقالوا: لا نأكل حتى نسأل النبي فلما قدموا المدينة وأخبروا الرسول بهذا قال: «نعم: كلوا واضربوا لي معكم بسهم» ، فأفتاهم بالقول وبالفعل من أجل أن تطمئن قلوبهم، وإلا فالفتوى القولية تكفي، وهو لا يسأل أحداً لكنه سأل هذا لمصلحتهم لا لمصلحته هو، فهو ليس بحاجة ولا ضرورة إلى لحمهم، لكنه فعل ذلك لمصلحتهم لتطيب قلوبهم قال: «خذوا واضربوا لي معكم بسهم فإن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله» (١) فدل هذا على أنه لا بأس إذا كانت العبادة ذات نفع متعدٍّ، وأراد الإنسان النفع المتعدي فلا بأس أن يأخذ عليه أجراً، ولو كانت من جنس الأشياء التي لا تقع إلا قربة؛ لأن هذا القارئ ما قصد التعبد لله بالقراءة بل قصد نفع الغير، إما التعليم أو الاستشفاء أو غير ذلك فهذا لا بأس به.

أشكل على بعض الإخوة المستقيمين ما يأخذه بعض الناس على الأذان والإقامة والتدريس والدعوة، وقالوا: إن هذا نقص وخلل في التوحيد؛ لأن هذا الذي يأخذ المكافأة لا شك أنه يجنح إليها، يعني ليس أخذها وعدمه عنده سواء، وأكثر الناس على هذا، بل ربما بعض الناس يصرِّح يقول: أنا أريد أن أكون إماماً لأني أريد أن أتزوج، أو لأني تزوجت وأحتاج إلى نفقة.

فيقول بعض الناس: إن هذا شرك؛ لأنه أراد بهذا العمل الصالح الدنيا، فيقال لهؤلاء: هذا الذي تأخذونه ليس أجرة،


(١) سبق تخريجه ص (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>