للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك ـ أيضاً ـ ما أشكل على بعض الناس يأتي إنسان يتعامل بالبنك أو يتعامل بأشياء أخرى محرم كسبها، ثم يبني مسجداً أو يصلح طريقاً فيقول: هل يجوز أن أصلي في هذا المسجد الذي أصلحه مَنْ مَالُهُ حرامٌ أو أمشي في الطريق؟ نرى أنه لا بأس أن يصلي في هذا المسجد ولو كان من مال ربوي أو من كسب محرم آخر؛ لأن إثمه على كاسبه، ثم نقول: هذا الرجل الذي بنى المسجد، لعله أحدث توبة وبنى هذا من أجل أن يتخلص من الإثم والكسب الحرام، فنكون إذا صلينا في ذلك وشجعناه نكون عوناً له على التوبة، والإنسان يجب أن ينظر إلى الأمور بمقياس الشرع والعقل لا بمقياس العاطفة العمياء؛ لأنه ما ضرَّ المسلمين حتى في عهد الصحابة إلا هذا، العاطفة العمياء، ما الذي أوجب للخوارج أن يخرجوا إلا العاطفة العمياء، ودعواهم أن علي بن أبي طالب قد خان وأنه يجب أن يقاتَل، وأنه كفر برضاه بالتحكيم وما أشبه ذلك.

ولو غصب أرضاً وبنى عليها مسجداً فلا نصلي فيها، أما على قول من قال: إن الصلاة في الأرض المغصوبة باطلة فلا نصلي فيه؛ لأننا لا نتقرب إلى الله ـ تعالى ـ بشيء باطل، لكن على قول من يرى أن الصلاة في الأرض المغصوبة جائزة فنقول: أيضاً لا نصلي، ولا نقول: إن الصلاة لا تصح لكننا نقول: إن هذا تشجيع لهذا الغاصب الظالم أن يغصب أموال المسلمين، ثم يتبجح بأنه بنى عليها مسجداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>