فإن لم تبتدئ المدة لم يلزمه شيء ولزمه رد العين إلى صاحبها، فإن مضى شيء من المدة لزم ردها إلى صاحبها، وأجرة ما استعملها فيه بقسطها من أجرة المثل.
وقوله:«بإجارة فاسدة» تفسد الإجارة إما بفوات شرط أو وجود مانع.
مثال فوات الشرط: رجل استأجر من شخصٍ حرّاً ليعمل عنده، ومعلوم أن تأجير الحر لا يجوز، كما جاء في الحديث الصحيح:«رجل باع حرّاً فأكل ثمنه»(١) فكذلك لو أجره فأكل أجرته فإنه لا يحل، فهذا إنسان ـ مثلاً ـ قال لشخص: أنت تريد عاملاً عندك؟ قال: نعم قال: هذا غلامي، خذه، الشهر بمائة ريال، وهو حر، فالإجارة هنا فاسدة؛ لأنه لا يصح عقد الإجارة على الحر؛ لأن من شرط الإجارة أن يكون المؤجر مالكاً للعين المؤجرة، فأخذ المستأجر الغلام واستعمله حتى تمت المدة، يقول المؤلف: إنه يلزمه ـ أي المستأجر ـ أجرة المثل؛ وذلك لأن عقد الإجارة كان فاسداً، والفاسد وجوده كالعدم، ولكن كيف يقول المؤلف:«أجرة المثل» وهو حر لا يصح تأجيره؟ نقول: يُقدر كأنه قن ـ أي: عبد ـ فيقال: كم أجرة هذا العبد؟ قالوا: أجرته ـ مثلاً ـ مائتا ريال، وهو قد استأجره بمائة ريال، نقول: سلِّم مائتي ريال؛ لأن الأجرة فاسدة، وهذا فيما إذا كان المستأجر عالماً بأن هذا
(١) أخرجه البخاري في البيوع/ باب إثم من باع حراً (٢٢٢٧) عن أبي هريرة ﵁، ولفظه: «أن النبي ﷺ قال: قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، رجل أعطي بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره».