الغلام ليس مملوكاً له، فهنا يلزمه أجرة المثل، وهي في المثال الذي ذكرنا مائتا ريال، مع أن العقد وقع على مائة، لكن هذا العقد فاسد، فالقول بأنه يلزم المستأجر أجرة المثل قول صحيح؛ لأن المستأجر دخل على بصيرة وعلم بأن الإجارة غير صحيحة.
لكن إذا كان لا يدري، وقد عقد الأجرة على مائة، فكيف نلزمه بمائتين؟
يقول الفقهاء ﵏ في التعليل: إن إتلاف مال الآدمي لا فرق في ضمانه بين العالم والجاهل، كما لو استعمل الإنسان شخصاً يظنه عبده، واستعمله في عمل، فعليه ضمانه، وإن كان لا يدري، ولكن في هذا نظر؛ لأن هذا الذي استعمله بالأجرة التي يظنها صحيحة كان مغروراً، غره المؤجر، وإذا كان مغروراً فيجب أن يكون الضمان على الغار، وهذا هو مقتضى القياس والنظر الصحيح، وعليه فنقول: يجب على المستأجر في المثال الذي ذكرنا مائة ريال، ويضمن الآخر الذي أجره المائة الثانية، ويكون لهذا الغلام الحر مائتا ريال، وهذا هو العدل، وأما أن نُضَمِّن شخصاً ما لم يلتزمه مع أن العقد حسب رأيه واعتقاده عقد صحيح، فهذا فيه نظر.
فالصواب إذاً أنه يلزمه أجرة المثل، لكن إن كان مغروراً فما زاد على الأجرة التي تم العقد عليها فعلى من غره.
فإذا قدرنا أن أجرة المثل أقل، مثلاً أجره بمائتين، وأجرة مثله مائة، فهل نلزمه بالمائتين؟
نقول: إن كان عالماً بأن الإجارة فاسدة ألزمناه بمائتين؛ لأنه دخل على بصيرة، ثم ما زاد على أجرة المثل يكون لهذا الغلام؛