للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه مظلوم، ولا يكون للذي أجره؛ لأن الذي أجره لا يملكه، فليس له شيء، وإن كان غير عالم فعليه أن يضمن لهذا الحر ما وقع عليه العقد؛ لأنه رضي به واعتبره صحيحاً، فيلزم بما ظنه، وإذا رأى القاضي أن يأخذ هذه الزيادة ويصرفها في بيت المال فلا حرج عليه؛ لأنه مال في الحقيقة ليس خالصاً لمن استحقه، وما اشتُبِه فيه فإنه يُلحق ببيت المال، وإن كانت أجرة المثل بمقدار ما وقع عليه العقد فلا إشكال؛ لأنه ليس فيه زيادة ولا نقص.

مثال آخر: استأجر شخصاً على عمل محرم، مثل أن يستأجر شخصاً ليبيع له خمراً، أو يحمل له خمراً، أو ما أشبه ذلك، فالإجارة فاسدة، لكن العامل الآن هل نقول: ليس له شيء؛ لأن الإجارة فاسدة، والعمل المحرم لا قيمة له؟ أو نقول: يُلزم المستأجر بالأجرة التي وقع عليها العقد؟

الجواب: يجب أن يلزم بالأجرة التي وقع عليها العقد، ثم إن كان العامل يعلم أن هذا شيء محرَّم فإنها تصرف في بيت المال، وإن كان لا يعلم فإنه يعطى إياها ويؤمر بالتوبة والاستغفار، والله أعلم.

مثال وجود مانع: اتفق زيد مع عمرو على أن يؤجره بيته والبيت ملك لزيد، ولكنهما عقدا الإجارة في المسجد، والإجارة في المسجد لا تصح؛ لأنها حرام، قال النبي : «إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك، فإن المساجد لم تبن لهذا» (١) فالإجارة إذاً لا تصح لوجود مانع، فإذا تمت المدة، ألزمناه بأجرة المثل، فإذا تعاقدا على عشرين ألفاً،


(١) أخرجه الترمذي في البيوع/ باب النهي عن البيع في المسجد (١٣٢١)؛ والدارمي في الصلاة/ باب النهي عن استنشاد الضالة في المسجد والشرى والبيع (١/ ٣٤٧) (ط/البغا) عن أبي هريرة ؛ وصححه ابن خزيمة (١٣٠٥)؛ والحاكم (٢/ ٥٦) على شرط مسلم، وأقره الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>