وأجرة المثل عشرة آلاف، لزمه عشرة آلاف، وهذا فيما إذا كانا جاهلين واضح، فإن كانا عالمين فينبغي أن نعاملهما، بما يقتضيه العقد والزائد نجعله في بيت المال؛ لئلا يحصل التلاعب.
فإن قال قائل: إذا تسلم العين بإجارة فاسدة فلماذا لا نلغي العقد والأجرة، ونقول: لا شيء له، لا أجرة المثل ولا الأجرة المتفق عليها؟
فالجواب: هذا لا يمكن؛ لأنه ظلم، فالمالك فُوِّتَت عليه منفعة ملكه مدة الإجارة، فإذا قلنا: لا أجرة لك، فإننا نظلمه بذلك، والمستأجر قد استوفى المنفعة، فإذا قلنا له: لا أجرة عليك، أبحنا له أن يأكل أموال الناس بالباطل، وحينئذٍ نقول: يلزمك أجرة المثل.
والخلاصة: أن كل من تسلَّم عيناً بإجارة فاسدة فإنه لا عبرة بما حصل عليه العقد، تُفسَخ الإجارة ويُرجع إلى أجرة المثل، فإن كانت أجرة المثل مساوية لما وقع عليه العقد فلا إشكال، وإن كانت أجرة المثل أكثر، ألزمنا المستأجر بها، ثم إن كان عالماً فالزيادة عليه، وإن كان جاهلاً مغروراً فالزيادة على من غره، وإن كانت أجرة المثل أقل، فإن كان عالماً ألزمناه بما التزم به؛ لأنه دخل على بصيرة، فهو يعلم أن العقد فاسد، والتزم الزيادة على أجرة المثل، وإن كان جاهلاً لم يلزمه أكثر من أجرة المثل، وإن رأى القاضي قضاءً أن يلزمه بما التزم به ـ ولو كان جاهلاً ولكن يُجعل في بيت المال ـ فلا حرج.