للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم نقول: أنتم أنفسكم لم تأخذوا بمقتضى الآية، فالمستأجر عندكم الذي بيده العين المستأجرة أمين، والعين بيده أمانة، ومع ذلك تقولون: لو تلفت العين المستأجرة تحت يده بغير تعدٍّ ولا تفريط فليس بضامن، فكيف تستدلون بالآية على شيء وتخرجون ما تشمله الآية، والحكم واحد فيهما؟!

إذاً فلا دلالة في الآية والحديث على ما ذهبوا إليه، وتبقى العارية على القواعد العامة، وهي أنها وقعت بيد المستعير برضا صاحبها، فيد المستعير يد أمينة، والأمين لا يضمن إلا بتعدٍّ أو تفريط، هذه هي القاعدة الشرعية العامة.

أما إذا شرط ضمانها فلقول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١] ولقوله: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ﴾ [الإسراء: ٣٤] ولقول النبي : «المسلمون على شروطهم» (١)، ولقوله لصفوان بن أمية : «بل عارية مضمونة» (٢)، وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية .

وقوله: «وتضمن العارية» الضامن هو المستعير.

قوله: «بقيمتها» يعني إن كانت متقوِّمة، وبمثلها إن كانت مِثْلِيَّة، فالتعبير هنا بقيمتها فيه قصور، وكان الواجب أن يقول: (وتضمن العارية ببدلها يوم تلفت)؛ لأنه إذا قال: ببدلها فالبدل يشمل القيمة والمثل.

والقاعدة عندنا في ضمان المُتلفات: (أن المثلي يضمن


(١) سبق تخريجه ص (١١٥).
(٢) سبق تخريجه ص (١١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>