المسألة الثانية: إذا تلفت فيما استعيرت له، فإنه لا ضمان فيها، مثال هذا: رجل استعار رِشاء من شخص ـ والرشاء هو الحبل الذي يستخرج به الماء من البئر ـ ثم إن الرشاء بالاستعمال تلف، هل يضمن المستعير أو لا؟ نقول: لا يضمن؛ لأن العارية هنا تلفت فيما استعملت له.
ونظير ذلك لو استعار سيارة إلى مكة ـ مثلاً ـ، وتآكلت عجلات السيارة، فلا يضمن؛ لأنها تلفت فيما استعيرت له.
ولو استعار منشفة ليستعملها، ومع طول الوقت زال خَمْلها، فلا يضمن؛ لأنها تلفت فيما استعيرت له.
وهذه المسألة تؤيد القول بأن العارية لا تضمن إذا شرط نفي ضمانها؛ ووجه ذلك أنها إذا تلفت فيما استعملت له فلا ضمان؛ لأن صاحبها حين أعطاها هذا الرجل يستعملها، قد علم أنها سوف تتلف أو تنقص بهذا الاستعمال، فكذلك إذا شرط المستعير أن لا يضمنها فإنه لا شك أنه لا ضمان عليه، بل قلنا: إن الصواب أنه وإن لم يشترط أن لا ضمان عليه إذا تلفت بلا تعدٍّ ولا تفريط، فلا ضمان على المستعير؛ لأنه قبضها من صاحبها بإذن منه فيده يد أمانة.
المسألة الثالثة: إذا استعارها ممن لا ضمان عليه كما لو استعارها من المستأجر، فإذا كان المستأجر لا ضمان عليه وهو أصل فالفرع ـ الذي هو المستعير ـ من باب أولى.
المسألة الرابعة: إذا استعار شيئاً موقوفاً على عموم الناس، كرجل استعار كتباً موقوفة على طلبة العلم ـ وهو من طلبة العلم ـ