ثم إن هذه الكتب مع المطالعة والمراجعة تمزقت أو انمحى بعض كتابتها، أو ما أشبه ذلك فلا يضمن؛ لأنه هو نفسه مستحق للانتفاع، فهو من طلبة العلم واستعار من صاحب المكتبة هذه الكتب وصاحب المكتبة لا يملك الكتب؛ لأن الكتب موقوفة على طلبة العلم، فصاحب المكتبة ما هو إلا منظم يعير هذا ويعير هذا ويعير هذا، فإذا تلفت الكتب الموقوفة على طلبة العلم بيد أحد طلبة العلم فلا ضمان عليه؛ لأنه استعملها لا عن طريق العارية ولكن عن طريق الاستحقاق فليس عليه ضمان.
فإن قال قائل: ما تقولون في رجل استعار كتاباً من مكتبة وصار يحشِّي عليه أيضمن أو لا يضمن؟ يضمن؛ لأنه متعدٍّ، وقد بلغنا أن بعض الناس يستعير كتباً حديثية أو فقهية من المكتبات ثم يحشِّي عليها، فيكتب القول الراجح كذا وكذا، وهو قول مرجوح أو هذا القول الذي في الكتاب باطل أو يقول: إنه بدعة؛ لأن بعض الناس يظنون أن خلاف الفقهاء ﵏ يكون المخالف فيه ـ لما يظن أنه خلاف النص ـ مبتدعاً، ولو سلكنا هذا المسلك لكان كل الفقهاء مبتدعة إلا في مسائل الإجماع؛ لأنك تقول: خالفتني فأنت مبتدع، وأنا أقول: خالفتني فأنت مبتدع، ويبقى الفقهاء كلهم مبتدعين إلا في مسائل الإجماع، وهذا ما قال به أحد أبداً ولن يقول به أحد، هذه مسائل اجتهادية، يرى أحد من العلماء أن هذا واجب والثاني يقول: غير واجب، فهل نقول هذا مبتدع؟! فالذي يرى أن لحم الإبل لا ينقض الوضوء وصلى وهو آكل لحم الإبل فهل نقول: أنت مبتدع؟! لا