أما إذا كان بعد مضي مدة لها أجرة، فيقول المؤلف:«وبعد مضي مدة قول المالك بأجرة المثل» قال المالك: آجرتك، قال: بل أعرتني، فالقول قول المالك مع يمينه؛ لأن القاعدة أن الأصل فيمن قبض ملك غيره أنه مضمون عليه؛ ولأن الأصل أن الإنسان لا يسلطك على ملكه إلا بعوض، والتبرع أمر طارئ.
ولكن كيف يكون تقدير الأجرة؟ هل نقول: إذا ادعى المالك أنه أجره إياه كل يوم بعشرة ريالات أن القول قول المالك؟ لا؛ لأن الذي أخذها لم يعترف بالإجارة حتى الآن، نقول: نرجع إلى أجرة المثل؛ لأن الله ذكر في المرأة التي لم يسم لها مهر أنها تمتع، وبيَّنت السنة أن تمتيعها أن تعطى مهر المثل، كما في حديث ابن مسعود ﵁(١) ـ فيقال: كم تؤجر هذه العين في مدة أسبوع؟ إذا قالوا: مائة ريال، قلنا: هات مائة ريال، ولكن إذا كانت أجرة المثل أكثر مما ادعى صاحب العين، فالمذهب نعطيه إياها ولو كانت أكثر مما ادعاه، والقول الثاني أننا لا نعطيه إلا ما ادعاه.
ولكن يقبل قول المالك هنا في شيء ولا يقبل في شيء
(١) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٤٣٠، ٤٤٧)؛ وأبو داود في النكاح/ باب فيمن تزوج ومات ولم يسم لها صداقاً (٢١١٤)؛ والترمذي في النكاح/ باب ما جاء في الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن يفرض لها (١١٤٥)؛ والنسائي في الطلاق/ باب عدة المتوفى عنها زوجها قبل أن يدخل بها (٦/ ١٩٨)؛ وابن ماجه في النكاح/باب الرجل يتزوج ولا يفرض لها فيموت على ذلك (١٨٩١)؛ وابن حبان (٤٠٩٨)؛ والحاكم (٢/ ١٨٠) عن معقل بن سنان ﵁، قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.