آخر، فيقبل بالنسبة للمدة الماضية ولا يقبل بالنسبة للمدة المستقبلة، لو قال المالك في هذه الصورة: أنا أجرتك إياها لمدة أربعة أيام، وحصل الاختلاف بعد مضي يومين، فنقبل قول المالك فيما مضى من المدة، ولا نقبله فيما يستقبل؛ لأن خصمه ينكره، ويقول: ما أخذتها بأجرة، ولكن بإعارة.
وبهذا نعرف أن الأحكام تتبعض، وهذه قاعدة فقهية، بمعنى أنه إذا وُجد ما يثبت أحدها من وجه دون الآخر، حكمنا بالوجه الثابت وتركنا الوجه الذي لم يثبت، وهذه قاعدة مفيدة تنفعك في مسائل عديدة، ونظير ذلك رجل ادعى على آخر أنه سرق منه مالاً من بيته وأتى بشاهد على ذلك رجل وامرأتين، فهذه الصورة تضمنت حكمين ضمان المال، وقطع اليد، الحد لا يثبت برجل وامرأتين، وإنما يثبت بشهادة رجلين، والمال يثبت بشهادة رجل وامرأتين، ففي هذه الحال نقول: يضمن السارق المال ولا تقطع يده، فهذه صورة واحدة تضمنت حكمين مختلفين لوجود مقتضي أحدهما دون الآخر، فتتبعض الأحكام.
وقوله:«أو بالعكس» قال المالك: أعرتك، قال: بل أجرتني، نقول: إن كان عقب العقد فالقول قول مدعي الإعارة، ومدعي الإعارة في هذه الصورة هو المالك؛ لأن الأصل عدم عقد الإجارة، فإذا قال المالك: أعطني إياها، أعطاه إياها.
أما لو كان ذلك بعد مضي مدة، فالقول قول المالك ـ أيضاً ـ وإن كان مدعي الإعارة، لكنه إذا كان هو مدعي الإعارة فإنه لا أجرة له إذا مضت المدة، يعني بعد أسبوع قال المالك: إني